«هجرة أدمغة» بسبب سياسات حكومة نتنياهو

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

اليمين في ائتلاف نتنياهو يسعى لإعادة إخضاع الضفة للسيادة الإسرائيلية

في الوقت الذي يدور فيه صراع شديد في المجتمع الإسرائيلي حول خطة الحكومة لإصلاح القضاء، وإن كانت ترمي إلى تغيير منظومة الحكم وتحويل الدولة العبرية إلى «دكتاتورية»، ويتم تجاهل خفايا هذه الخطة السياسية وتأثيرها المباشر على القضية الفلسطينية، كشف وزير التراث، عميحاي إلياهو، (الأربعاء)، عن أن «المهمة الملحة الآن هي عن الخروج علناً لتحقيق الهدف الأسمى، وهو فرض السيادة الإسرائيلية على أكبر قدر من يهودا والسامرة (أي الضفة الغربية) وبأسرع وقت ممكن».

وقال إلياهو، وهو من حزب «عوتسماه يهوديت» (عظمة يهودية)، الذي يقوده وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير: إنه «حان الوقت لأن يطفو هذا الموضوع على السطح ويصبح عنواناً للنقاش ليس داخل إسرائيل وحدها، بل أيضاً في الولايات المتحدة وأوروبا والعالم العربي. يجب أن يعلو صوتنا ونحن نقول إن هذه الأرض لنا، وهبنا إياها الله وأعادنا إليها، وليست أرضاً محتلة كما يعتقدون. الخط الأخضر (الذي يفصل ما بين إسرائيل والضفة الغربية في حدود ما قبل حرب 1967)، هو خط وهمي كاذب يجب محوه».

وكان إلياهو يتحدث في مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي (الأربعاء)، فأكد أن ما يقوله إنما يعبّر عن رأي غالبية وزراء ونواب الائتلاف الحكومي. وأضاف: «حتى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو كان يتحدث بهذا الموقف، ولكنه توقف عن ذلك بسبب توقيعه اتفاقيات إبراهيم مع دول الخليج. يجب مساعدته والوقوف خلفه حتى يعود ويستأنف فكرة الضم من جديد».

الإدارة الأميركية

وعندما سُئل إن لم يكن يحسب حساباً لخلافات مع الإدارة الأميركية بسبب هذا الموقف، أجاب: «علينا أولاً أن نطرح أفكارنا بصراحة وعلنية، حتى تتغلغل في النفوس ونفرض الواقع على الأرض، وبعدها نرى».

وينتمي الوزير إلياهو إلى مجموعة كبيرة من الوزراء والنواب في الائتلاف، بمن في ذلك قادة بارزون في حزب الليكود الذي يقوده نتنياهو، الذين يعدّون «تشكيل حكومة اليمين الكامل»، أي التي تضم فقط أحزاباً يمينية، فرصة تاريخية يجب ألا تُفوّت لفرض الآيديولوجية اليمينية المتطرفة على الحياة السياسية، وإقرار مبادئ واتخاذ قرارات تكرس واقعا لا تعود فيه أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية.

نتنياهو يتوسط بن غفير (يمين) ووزير العدل ياريف ليفين في جلسة «الكنيست» يوليو الماضي (أ.ف.ب)

يذكر أن خطة الحكومة لإصلاح القضاء، التي تنطوي على برنامج شامل لتغيير منظومة الحكم وإضعاف القضاء، جاءت بالأساس لهدف سياسي لتصفية القضية الفلسطينية. فهي وُلدت قبل 18 عاماً، عندما نفذ مخطط أرئيل شارون، للانفصال وانسحبت بموجبه إسرائيل من قطاع غزة وأخلت 8 آلاف مستوطن، وتمت إزالة جميع المستوطنات (21 مستوطنة)، هناك، وتم إخلاء 4 مستوطنات شمال الضفة الغربية.

في حينه، اجتمع قادة اليمين الراديكالي وقرّروا أنه «يجب عمل كل شيء في سبيل منع أي حكومة من تكرار هذا الانسحاب في مناطق أخرى في الضفة الغربية». وتم تشكيل «فريق بحث وعمل»، لوضع خطة تنفيذية لهذا الغرض. وأقيم في ذلك الوقت معهد بحث وعمل سُمي «كوهيلت» ليعمل مع الفريق. وتم رصد مبالغ طائلة، تبرع بها اليمين الأميركي، للصرف على الخطة. وتوصلوا إلى قناعة بأن السبيل لإنجاحها هو «تشكيل حكومة يمين صرف» وإقرار سلسلة قوانين تقلب المعادلات والتوازنات وتثبت حكم اليمين لسنوات طويلة، وتمنع انتخاب حكومة من ذلك النوع الذي يمكن أن ينسحب من أي قطعة من أرض إسرائيل.

5 قرارات

وقد عبّر عن ذلك أحد أبرز قادة الليكود، نائب رئيس الحكومة ووزير القضاء، ياريف ليفين، الذي يقود مشروع الانقلاب في الحكم. وفي الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، وقف في الكنيست لتفسير قانون إلغاء «سبب المعقولية»، وقال: إنه يرمي إلى أخذ السلطة من قلة من القضاة غير المنتخبين، وإعادتها لمن وثق بهم الجمهور.

وقال: إن قضاة المحكمة العليا ألغوا خمسة قرارات مهمة اتخذتها الحكومة خلال السنوات الخمس الماضية، تؤكد ضرورة إحداث إصلاح جوهري في القضاء.

هدم بيوت في قرية فصايل بغور الأردن أولى المناطق الفلسطينية المرشحة للضم (حركة بتسيلم)

القرارات الخمسة تتعلق بالموضوع الفلسطيني. اثنان منها تناولا قرار المحكمة إلغاء قرارات تمنع الفلسطينيين من دخول إسرائيل، أحدهما في حالة العائلات الفلسطينية الثكلى، التي تعمل في إطار مشترك مع العائلات اليهودية من أجل السلام، والتي منعها وزير الأمن من دخول إسرائيل للمشاركة في حفل التأبين السنوي المشترك للعائلات اليهودية والعربية، في تل أبيب عام 2018.

القرار الثاني، تناول قضية الطالبة الأمريكية الفلسطينية لارا القاسم، التي منعتها وزارة الداخلية من دخول إسرائيل في ذلك العام؛ بحجة أنها تدعم حركة المقاطعة الدولية لإسرائيل.

ويتعلق المثال الثالث، برفض قرار الجيش خلال الانتفاضة الثانية، ترحيل ثلاثة فلسطينيين من الضفة الغربية إلى غزة بعد أن نفّذ أحد أقاربهم هجوماً ضد إسرائيليين.

أما المثالان الآخران اللذان قدمهما ليفين، فيتعلقان بالإسرائيليين الذين سعت الحكومة إلى معاقبتهم على أنشطتهم ضد الاحتلال.

انقلاب على اليسار

لفين نفسه يُعدّ من مؤسسي اللوبي الذي يعمل على فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، وقد شارك في مؤتمر لهذا اللوبي في عام 2014.

وقال: «لا يمكننا قبول الوضع الحالي الذي يخضع فيه النظام القضائي لسيطرة اليساريين المتطرفين، الذين يشكّلون أقلية ضئيلة في المجتمع الإسرائيلي من أتباع فكر (ما بعد الصهيونية)، التي تنتخب نفسها خلف الأبواب المغلقة، وتملي علينا قيمها – ليس فقط في قضية الضم، ولكن أيضاً، في قضايا أخرى».

إخلاء التجمعات البدوية قرب رام الله في 10 يوليو جزء من عمليات الضم الزاحف (وفا)

وعدّ أن تغيير النظام القانوني «ضروري»؛ لأنه سيسهل علينا اتخاذ خطوات فعلية على الأرض لتعزيز عملية تطبيق السيادة (في الضفة الغربية)».

ولذلك؛ فإن ما يطلق من أحاديث عن الضم في هذا الوقت يندرج في إطار خطة الحكومة الانقلابية، والتي بموجبها تم في مارس (آذار) الماضي، إبطال قانون الانسحاب من شمالي الضفة الغربية. وفي حينه، قالت وزيرة الاستيطان، اوريت ستروك: إن تمرير هذا القانون يؤكد أن من السهل تمرير قانون لضم أراضي الضفة الغربية وفرض السيادة الإسرائيلية عليها.

‫0 تعليق

اترك تعليقاً