ملف النزوح السوري في «الثلاجة» اللبنانية

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


ابتكر المهندس الفلسطيني نصر شويخ اختراع «العين الذكية» لتمكين المكفوفين من فهم محيطهم وما يجري حولهم بشكل أفضل، ويعزز قدرتهم على الحركة والاستقلالية ويحسن حياتهم بشكل عام.

«كانت فكرة نابعة من قلب إنسان لإنسان، ثم أضحت اختراعا قد يفتح عيونا أُغلقت لسبب أو لآخر»، هكذا تحدث شويخ مع وكالة «أنباء العالم العربي» عن اختراعه الذي استخدم فيه الذكاء الاصطناعي.

قال إن زميلته في الفريق اقترحت هذه الفكرة لمساعدة صديقتها الكفيفة، مضيفا لأن «آلية هذا المشروع مبنية على استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل الصور، وتوليد وصف مفصل للمشاهد، ثم تحويل هذا الوصف إلى كلام قريب من الواقع باستخدام تقنية تحويل النص إلى كلام (TTS)».

وتابع «تضمنت وظائف النظارة الذكية عدة ميزات تُمكن المكفوفين من استخدامها بسهولة، سواء بالضغط على أزرار أو عبر الأوامر الصوتية، والتي شملت تقديم وصف للمشاهد أمام المستخدم وقراءة النصوص الموجودة في الصور وتحويلها إلى كلام يمكن للمكفوف من خلالها قراءة الكتب والمقالات».

وأضاف أن من بين خوارزميات الذكاء الاصطناعي المتخصصة التي تعتمد هذه الوظائف، مراقبة العناصر الأساسية في المشهد وتحديد التسميات، ومراقبة الوجوه والمشاعر، واستشعار الألوان، وإنشاء تعليق قصير للصورة.

بعدها تؤخذ جميع البيانات التي تقدمها هذه الخوارزميات لتمريرها على تقنية API (واجهة برمجة التطبيقات) من مؤسسة (OpenAI)، وذلك لتوليد وصف شامل ودقيق للمشهد أمام الكفيف، ومن ثم تمرير هذا الوصف عبر برنامج لتحويل النص إلى صوت كي يتمكن الكفيف من تخيل محيطه.

وشويخ مهندس من قطاع غزة متخصص في هندسة الميكاترونيكس التي تجمع بين الهندسة الميكانيكية والكهربائية وهندسة الحاسوب والإلكترونيات.

تحديات واجتهاد

من أكبر التحديات التقنية والمادية التي واجهت شويخ القطع الإلكترونية المكلفة والشحيحة في القطاع.

لكن شويخ نجح في إنجاز مشروعه الذي نال استحسانا وفاز في مسابقة نظمتها مؤسسة «النيزك» على مستوى الأراضي الفلسطينية، وحصل فيها فريقه المكون منه ومن ثلاثة آخرين من قطاع غزة على المركز الأول.

وكان الفريق ضمن الثلاثين الفائزين برحلة تعليمية إلى الوكالة الأميركية للطيران والفضاء «ناسا» في السابع من يونيو (حزيران) الماضي.

ودعا المهندس الفلسطيني الشباب إلى تعلم التكنولوجيا والبرمجة وتطوير أنفسهم باستمرار، مؤكدا أهمية الثقة بقدراتهم الشخصية والعمل المتواصل نحو بلوغ أهدافهم. وأكد أن بإمكانهم تحقيق نجاحات مبهرة بالاجتهاد والإصرار.

التقنيات في قطاع التعليم

من جانبه، قال مازن الخطيب، المدير العام للتقنيات التربوية في وزارة التربية والتعليم العالي في قطاع غزة، «خلال الأعوام السابقة كان الحاسوب يلعب دورا رئيسيا في المجال التعليمي، لكن أصبح هناك تحول جذري تمثل في تغير المفهوم نفسه للتكنولوجيا في المناهج».

وأشار إلى أن هذه المواد تركز على مفاهيم الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، وقال إن وحدات تعليمية تناقش مفهوم أجهزة الروبوت في الصفوف العليا، مما يمنح الطلبة فهما عميقا لعالم التكنولوجيا.

وأضاف «الوزارة تسعى لتبني منهجية جديدة لتعلم البرمجة تهدف إلى تنمية مهارات التفكير الابتكاري للطلبة وتعليمهم كيفية التحكم فيها باستخدام لوحات إلكترونية متخصصة».

واستطرد قائلا: «لدينا طلبة ابتكروا كثيرا من المشاريع مثل تطوير خلايا شمسية متحركة تتبع حركة الشمس، وتوليد طاقة شمسية فعالة، وكذلك تحسين التكنولوجيا الطبية لمساعدة المرضى في تناول العلاج».

وتابع «نعي جيدا التحولات الهائلة التي يشهدها منهج التعليم على مر السنوات، وهذه التغيرات أثرت إيجابا على قطاع التعليم في غزة».

وأضاف الخطيب «نسعى لتطوير بيئة تعليمية تعزز من تفاعل الطلبة والمعلمين مع التطبيقات التكنولوجية والذكاء الاصطناعي، وتعطي أهمية لدور المعلم كشخص محوري في هذه العملية»، مشيرا إلى تنفيذ مشروع تدريب 28 معلماً في مجال الذكاء الاصطناعي والبرمجيات لتمكينهم من تقديم تجربة تعليمية أفضل للطلبة بتمويل من منظمة «اليونسكو».

وأشار إلى تحديات مثل صعوبة إدخال القطع الإلكترونية اللازمة بسبب الحصار والظروف السياسية، مؤكدا جهد الوزارة في التغلب على هذه التحديات بتطوير تطبيقات بسيطة ومبتكرة تعمل بكفاءة على أجهزة محمولة بسيطة، شبيهة بالتطبيقات التي طورها الطلبة أنفسهم.

أجهزة الروبوت في التعليم

وتحدث باسل أصرف، رئيس قسم (مركز الإنتاج – خان يونس) التابع لدائرة المصادر التعليمية في الإدارة العامة للتقنيات التربوية، عن إمكانيات الذكاء الاصطناعي وكيف تفتح فرصا مذهلة لاستخدامه في معالجة البيانات بكفاءة عالية، وتحقيق توقعات دقيقة لتفاعل الطلبة.

وتناول أصرف عدة أمثلة لتجارب نجحت في تحسين جودة التعليم باستخدام التقنيات المتقدمة في قطاع غزة خاصة في مجال التعليم، ومنها روبوت «أديسون» التعليمي.

وعنه قال: «هو روبوت قابل للبرمجة يتبع منهجية STEM (علوم، وتكنولوجيا، وهندسة، ورياضيات) ويقدم مصادر تعليمية تفاعلية في مجالات مختلفة»، مشيرا إلى استخدامه لتعزيز تعلم الطلاب في مراحل التعليم الابتدائي والإعدادي.

وأضاف «تم تقديم روبوت Weeemake الذي يتمتع بخصائص فريدة، ويمكن تغيير شكله وتعديله وفقا لاحتياجات التعليم، مع تكنولوجيا تشمل الذكاء الاصطناعي»، لافتاً إلى استخدامه لتعزيز تعلم طلبة المرحلة الثانوية.

وتابع «التعلم باستخدام الذكاء الاصطناعي لا يقتصر على المدارس الحكومية فقط، بل يمتد إلى الخاصة أيضا. وهناك تجربة لمدرسة خاصة بغزة ابتكرت (السيد روبوت)، وهو روبوت تعليمي يتفاعل مع الطلاب ويعلمهم المفاهيم الفيزيائية».

ذكاء اصطناعي يشق طريقه في غزة

في عالم يشهد تطورات تكنولوجية متلاحقة، يبرز اسم الدكتور إياد الأغا الذي يجمع بين الخبرة والعلم في قطاع غزة، إذ يتولى منصب محاضر في كلية تكنولوجيا المعلومات بالجامعة الإسلامية ومساعد نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية، ولديه شهادة اعتماد من «غوغل» في مجال التعلم العميق.

وتحدث الأغا عن «التجارب الملهمة» التي تشمل مختلف القطاعات، مشيراً إلى جهود شركة توزيع الكهرباء في تحليل بيانات الاستهلاك والشبكة لتحسين الأداء وتقديم خدمات أفضل. وأضاف أن هذه التقنية تتجسد أيضاً في بلدية القرارة التي أنشأت مدينة ذكية لتحسين الخدمات بشكل آلي.

وقال إن من بين أكبر التحديات التي تواجه تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في غزة نقص البيانات الضرورية ومحدودية البنى التحتية وضعف الأجهزة في مجال التعلم العميق وتطوير النماذج الذكية.

وأشار الأغا أيضا إلى أن استخدام موارد حاسوبية من خلال السحابة Cloud computing مكلف نوعا ما وخارج قدرات المؤسسات البحثية في غزة، فضلا عن عدم وجود الكفاءات البشرية المتخصصة في هذا المجال. وأضاف أن من بين التحديات أيضا الظروف السياسية والاقتصادية التي تعيق تطور البنية التحتية.

وتحدث عن تطبيقات محتملة في مجالات متعددة، مثل التشخيص الصحي الذكي الذي يمكن أن يسهم في اكتشاف الأمراض من خلال تحليل صور الأشعة والتحاليل، وعن قوة تقنيات التحليل لاستشفاف اهتمامات المستخدمين على وسائل التواصل الاجتماعي واستهداف حملات دعائية.

وفي مجال السلامة المرورية، أكد الأغا إمكانية تطبيق أنظمة ذكية لرصد حركة المرور وتسجيل مخالفات السير. ويشير كذلك إلى تحسين التعلم باستخدام التحليل الذكي لمستوى الطلاب واقتراح تقديم الدروس وفقا لاحتياجاتهم.

وأكد أهمية العمل على نشر ثقافة الذكاء الاصطناعي واستثمارها في تحسين جودة الحياة وضرورة التحديث المستمر وتطوير معرفتنا في هذا المجال المتطور بشكل سريع.

وأشار خبير تكنولوجيا المعلومات الفلسطيني إلى أن مجال الذكاء الاصطناعي يتيح فرص عمل متنوعة ومجزية على الصعيدين المحلي والدولي خصوصاً أن هذه الفرص تتجاوز القيود المحلية الحالية.

‫0 تعليق

اترك تعليقاً