لبنان ملتزم بالشرعية الدولية ويمارس حقه بالدفاع عن نفسه

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

ساعات طويلة يقضيها سامي بكر، منتظرا دوره أمام أحد المخابز في مدينة غزة، من أجل الحصول على ما تيسر من الخبز الذي لا يكفيه وعائلته المكونة من 7 افراد.

ساعات طويلة يمضيها سامي بكر، منتظراً دوره أمام أحد المخابز في مدينة غزة، من أجل الحصول على ما تيسر من الخبز الذي لا يكفيه وعائلته المكونة من 7 أفراد.

ويقف بكر يومياً في حي الشيخ رضوان في مدينة غزة، أحد الأحياء التي طلب الجيش الإسرائيلي من سكانه مغادرته نحو الجنوب، منذ ساعات الفجر الأولى في طابور لا ينتهي أمام مخبز الشنطي، من أجل ربطة خبز واحدة، ويكلفه هذا ساعات طويلة.

وقال بكر (48 عاماً) لـ«الشرق الأوسط»: «أصلي الفجر في المسجد المجاور للمخبز، ثم أهرول مسرعاً لأحجز دوراً في صف طويل. أنتظر كل يوم ساعتين أو 3 أو 4 ساعات، حسب الوضع، آخذ ربطة خبر واحدة وأغادر».

يقول بكر إنها لا تكفيه لكن يمنع عليه أن يأخذ أكثر من ربطة، وكل يوم يصبح الأمر أكثر صعوبة. وكانت زوجة بكر تعد الخبز في منزلهم يومياً، لكن اليوم مع عدم توافر الكهرباء والغاز فإن هذا العمل الصعب أصبح ترفاً غير متاح.

فتى فلسطيني يحمل خبزاً وسط دمار سببته ضربات إسرائيلية (إ.ب.أ)

يعمل مخبز الشنطي منذ الساعة الرابعة فجراً، حتى الساعة الخامسة بالتوقيت المحلي، مثل جميع مخابز القطاع التي تضطر لإغلاق أبوابها قبيل حلول الظلام، خشية استهدافها بالصواريخ الإسرائيلية كما جرى مع 7 مخابز أخرى دُمرت بشكل كامل.

وقال محمد الشنطي أحد المشرفين على العمل في المخبز، إنهم يخاطرون بحياتهم من أجل إمداد الناس بأقل القليل.

وشرح الشنطي كيف أنهم يتحركون بلا ضمانة من وإلى المخبز، ويدركون أنهم قد يُقتلون في كل دقيقة.

وأضاف: «يقتلون الناس في الطرق، قصفوا مخابز ودمروها، هذا ليس عملاً نقدمه، إنه مغامرة. نحن نغامر بأرواحنا».

يحملون الخبز في شارع تعرض لقصف شديد على مدينة غزة (أ.ف.ب)

وكانت إسرائيل قد دمرت مخابز في قطاع غزة بشكل كامل، في استهداف قالت حركة «حماس» إنه يمثل «إمعاناً في جريمة الإبادة الجماعية التي يتعرض لها شعبنا وجريمة ضد الإنسانية».

ورأت «حماس» أن استهداف المخابز يهدف «إلى قطع إمدادات الغذاء عن شعبنا وتجويعهم وحرمانهم من الحصول على المادة الغذائية الرئيسية».

وتنسق جمعية أصحاب المخابز مع الجهات الرسمية يوماً بيوم من أجل توفير الطحين والوقود لهذه المخابز، التي عادة لا تستطيع توفير كمية كافية من الخبز للعائلات، خصوصاً الكبيرة.

طفلة في طابور أمام مخبز في خان يونس جنوب قطاع غزة الأحد (رويترز)

واضطرت سميرة أبو هاشم، المسؤولة عن أسرة مكونة من 14 فرداً، يضاف إليهم 9 آخرون هم عائلة شقيقها الذي فر من تحت القصف الشديد في جباليا إلى حي الشيخ رضوان لجمع الخشب من أجل إعداد كميات من الخبز.

وقالت أبو هاشم لـ«الشرق الأوسط»: «حياتنا انقلبت رأساً على عقب، لم نعد نجد لقمة الخبز». وأضافت: «ما كنت أخبز، واليوم مضطرة أخبز على الحطب وبعد شوي مش راح أقدر لأنو ما عندي طحين وما في طحين في البلد».

ولا تعرف أبو هاشم ماذا ستطعم عائلتها بعد أيام، وتُمني النفس لو أن قوافل المساعدات تستمر وتتوسع وتشمل المواد الأساسية، وأهمها الوقود.

ونفد الطحين من غزة بعد أيام من بداية الحرب. وقال محمود البزم صاحب سوبر ماركت البشير الكبير في مدينة غزة، إن المواطنين اشتروا كل شيء بعد اليوم الثاني.

أطفال فلسطينيون يحصلون على الطعام في مدرسة تابعة للأمم المتحدة برفح جنوب قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)

وأَضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لقد هُرعوا واشتروا كميات مضاعفة من الطحين والمعلبات الغذائية والألبان والأجبان. حتى المخزون الاحتياطي لكبار التجار نفد خلال أيام قليلة. الإقبال على المواد المعلبة والطحين، مرتبط بإدراك الناس في غزة أنه مع انقطاع الكهرباء فإن اللحوم والدواجن والخضراوات ستتلف. وإضافة إلى النقص الحاد في المواد الأساسية، نفدت كذلك اللحوم والخضراوات من أسواق غزة».

وقال عز الغوراني لـ«الشرق الأوسط»: «حتى لو بدك تشتري دجاجة أو حبتين تفاح ما في… لا في مزارع ولا مزارعين ولا أسواق. ما في إشي. حتى مي (ماء) ما في».

أطفال فلسطينيون يسعون للحصول على الماء في خان يونس الأحد (إ.ب.أ)

وتحدث الغوراني عن معاناته في الحصول على المياه الصالحة للشرب، خصوصاً بعد توقف الكثير من محطات تحلية المياه عن العمل، وكيف أصبح مضطراً لشرب ما يسد رمقه وعائلته حتى لا تنفد المياه منهم.

ولا تقتصر معاناة الغزيين الحياتية على نقص الخبز وانقطاع المياه والكهرباء؛ إذ لا توجد اتصالات ولا شبكات إنترنت بشكل دائم ومستمر وسلس.

إنها باختصار عودة للحياة البدائية؛ إذ لا حياة في غزة تشبه الحياة العادية.

‫0 تعليق

اترك تعليقاً