البرلمان العراقي يشّكل لجنة خاصة لتقصي الحقائق في كركوك

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

امتنع الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن تقديم اعتذار عن التصريحات التي أدلى بها حول المحرقة اليهودية، على الرغم من هجوم أميركي – أوروبي – إسرائيلي مكثف ضده في اليومين الماضيين، تخللته اتهامات مختلفة ومطالبات بالاعتذار وسحب أوسمة.

واعتبر مسؤولون فلسطينيون أن الهجوم على عباس سياسي، وليس متعلقاً بتصريحاته التي لم تعنِ بأي شكل من الأشكال أنه ينكر المحرقة، بحسب ما قالوا.

وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية إنه يستهجن بشدة ردود الفعل الصادرة عن عواصم عدد من الدول الغربية، إزاء ما ورد في خطاب عباس أمام المجلس الثوري قبل أيام، واصفاً إياها بردود «متسرعة، وغير مبررة، وتستجيب للوبيات الضغط الصهيونية».

وأرجع أشتيه الهجوم برمته إلى مواقف عباس الساعية إلى تدويل القضية الفلسطينية، وتقديم طلبات عضوية إلى جميع المنظمات الأممية، وخاصة اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.

ودعا أشتية الدول التي تهاجم عباس إلى إدانة «سياسات وممارسات المحو، والحرق، والعنصرية، والإبادة الجماعية، التي يمارسها من هم اليوم على سدة الحكم في إسرائيل»، وأن تبادر تلك الدول إلى «تفعيل إجراءات المقاطعة، وفرض العقوبات على الجناة، بدل توجيه الانتقادات للضحية».

تصريحات الرئيس عباس عن المحرقة اليهودية أثارت انتقادات واسعة (د.ب.أ)

وكان عباس قد ظهر أمام المجلس الثوري لحركة «فتح» في اجتماعاته التي انعقدت في رام الله نهاية الشهر الماضي قائلاً في خطاب موجه لأعضاء «الثوري» إن «أدولف هتلر أحرق اليهود بسبب دورهم الاجتماعي كمرابين للمال، وليس بسبب العداء تجاه اليهودية»، مؤكداً أن «اليهود الأشكناز (أي الأوروبيين) ليسوا ساميين».

وهذه ليست المرة الأولى التي يطلق فيها عباس تصريحات مثيرة للجدل حول اليهود، تستجلب ردود فعل دولية ضده. والرئيس الفلسطيني درس التاريخ، ويحمل الدكتوراه في العلوم السياسية، وكانت أطروحته تتحدث عن العلاقات السرية بين ألمانيا النازية والحركة الصهيونية.

والعام الماضي في ألمانيا، اتهم عباس إسرائيل بارتكاب «50 هولوكوستاً (محرقة)»، خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني أولاف شولتس. وردت إسرائيل وألمانيا والولايات المتحدة بالتعبير عن الصدمة والغضب.

وهذه المرة بدت ردود الفعل على عباس أكثر وأوسع غضباً.

وبعد ردود فعل إسرائيلية، بدأت بتصريحات للسفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان، اتهم فيها عباس بنشر معاداة السامية، ومواصلة دعم «الإرهابيين» الفلسطينيين لقتل الإسرائيليين، انتقد الاتحاد الأوروبي تصريحات عباس، لأنها «كاذبة ومضللة بشكل صارخ حول اليهود ومعاداة السامية»، قبل أن يهاجمه السفير الألماني لدى إسرائيل، شتيفن زايبرت، قائلاً إن «الفلسطينيين يستحقون سماع الحقيقة التاريخية من زعيمهم، وليس مثل هذه الخطابات المُشوهة».

ثم دخلت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على الخط، وطالبت عباس بالاعتذار.

وقالت مبعوثة الرئيس بايدن لمكافحة معاداة السامية، ديبرا ليبستادت، إنها صُدمت من تصريحات عباس «المعادية للسامية». وقالت إن «خطابه يشوّه المحرقة ويعرض بشكل كاذب الرحيل المأسوي لليهود من الدول العربية. إنني أدين هذه التصريحات وأدعو عباس إلى الاعتذار».

موقع إقامة نصب لتخليد ذكرى ضحايا المحرقة اليهودية في برلين، 9 أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

والجمعة، انتقدت بريطانيا تصريحات الرئيس الفلسطيني، وقال متحدث باسم وزارة الخارجية، في بيان، إن «المملكة المتحدة تدين التصريحات المعادية للسامية التي أدلى بها الرئيس عباس مؤخراً، وتقف المملكة المتحدة بحزم ضد كل محاولات تشويه المحرقة. مثل هذه التصريحات لا تدفع الجهود نحو المصالحة إلى الأمام».

وفي تطور لاحق، جرّدت رئيسة بلدية باريس، آن هيدالغو، عباس من أرفع أوسمة العاصمة الفرنسية. وأوضح مكتب رئيسة البلدية أن عباس لم يعد مؤهلاً لحمل وسام «غراند فيرميل» بعد أن «برر إبادة يهود أوروبا» في الحرب العالمية الثانية. وبعثت هيدالغو برسالة إلى عباس الخميس قالت فيها: «ما أدليت به من تصريحات يتناقض مع قيمنا العالمية والحقيقة التاريخية للمحرقة». وتابعت: «بالتالي لم يعد بإمكانك الاحتفاظ بهذا التكريم»، في إشارة إلى الوسام.

ونال عباس هذا التكريم خلال زيارته باريس عام 2015.

وتم نشر نص الرسالة على منصة «إكس» من جانب يوناثان أرفي، رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات الفرنسية اليهودية.

وكتب أرفي معلقاً على قرار التجريد من الوسام: «هذا القرار المهم يشرّف باريس والتزامها المتواصل ضد معاداة السامية».

وعلى الرغم من كل ذلك، لم يعتذر عباس لأنه بحسب المسئولين الفلسطينيين، ليس منكراً للمحرقة وكان يناقش اقتباسات كتاب ومفكرين.

ورفضت الخارجية الفلسطينية محاولات بعض الدول ربط تلك الاقتباسات بـ«معاداة السامية»، وبطريقة «عدائية مكشوفة ومشحونة بترهيب لفظي وكلامي عنجهي».

وأكدت «الخارجية» أنها «ترفض بشدة ممارسة هذا الإرهاب السياسي الفكري، وتعتبره إساءة للشعب الفلسطيني وقيادته يجب الاعتذار عنها فوراً».

وكان المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، قال في ذروة الهجوم على عباس إن ما نشر على لسانه (عباس) «كان اقتباساً من كتابات لمؤرخين وكتاب يهود وأميركيين وغيرهم، ولا يعتبر إنكاراً بأي شكل من الأشكال للمحرقة النازية».

‫0 تعليق

اترك تعليقاً