في خطوة علمية رائدة، نجح باحثون من جامعة روما في إيطاليا بتطوير قناع وجه ذكي يمتلك القدرة على تشخيص أمراض الكلى المزمنة بدقة مذهلة تصل إلى 93%. هذا الإنجاز المذهل يعتمد على تحليل دقيق لمكونات هواء الزفير، ليفتح آفاقًا جديدة في عالم التشخيص الطبي للأمراض المزمنة، مقدمًا بديلاً غير جراحي وسهل الاستخدام.
تقنية متطورة ترصد مؤشرات الفشل الكلوي في أنفاسك:
يكمن سر هذا القناع الذكي في قدرته على تحليل مستويات محددة من المركبات الكيميائية في هواء الزفير، وعلى رأسها الأمونيا والأسيتون. فمع تدهور وظائف الكلى، ترتفع تركيزات هذه المواد في الجسم وتنتقل إلى الهواء الخارج من الرئتين. يستغل القناع هذه الظاهرة الطبيعية ليصبح أداة تشخيصية قوية، قادرة على تحديد وجود المرض دون الحاجة إلى إجراءات جراحية أو تدخلات مؤلمة.
مستشعرات فائقة الدقة بتقنية البورفيرين والبولي PEDOT:
تم تصميم قلب هذا الابتكار باستخدام أربعة مستشعرات غاز متقدمة تعتمد على مركبات البورفيرين، وهي مواد تتميز بحساسيتها العالية للتفاعلات الكيميائية. وقد تم دمج هذه المستشعرات مع بوليمر موصل يُعرف باسم PEDOT/PSS، مما يمنح القناع استجابة دقيقة وسريعة لأي تغيرات تطرأ على تركيبة الزفير. ولضمان التقاط أدق التفاصيل، وُضعت هذه المستشعرات بعناية فائقة داخل الطبقة الداخلية للقناع، لتقوم بعملية الرصد اللحظي للمركبات الطيارة بمجرد خروجها من الأنف والفم.
نتائج واعدة في تجربة سريرية شملت أكثر من 100 مشارك:
ولإثبات فعالية هذا الاختراق العلمي، أجرى الفريق الإيطالي تجربة سريرية دقيقة شملت 101 مشاركًا. تضمنت المجموعة المدروسة 53 مريضًا يعانون من أمراض كلى بمختلف مراحلها، بالإضافة إلى 48 شخصًا يتمتعون بصحة جيدة. وقبل الاختبار، طُلب من جميع المشاركين تجنب الطعام والتدخين لمدة ساعتين. ثم ارتدوا القناع وتنفّسوا بطريقة محددة، بينما قامت المستشعرات بتسجيل البيانات بشكل فوري ودقيق.
تشخيص فوري وغير جراحي يغير قواعد اللعبة:
أظهرت نتائج هذه التجربة المذهلة أن القناع الذكي استطاع التمييز بين الأفراد الأصحاء والمصابين بأمراض الكلى بدقة تصل إلى 93%. هذه النسبة العالية تجعل من هذا القناع بديلاً واعدًا للتحاليل الدموية التقليدية، خاصة في الحالات التي تتطلب مراقبة يومية أو لحظية لحالة الكلى.
مستقبل واعد لأجهزة المراقبة القابلة للارتداء:
يتطلع الباحثون إلى المستقبل بتفاؤل كبير، حيث يأملون في تحويل هذه التقنية المبتكرة إلى أداة قابلة للارتداء يمكن للمرضى استخدامها بسهولة في حياتهم اليومية لمراقبة تطور أمراض الكلى وتلقي تحذيرات مبكرة عند الحاجة. وبفضل سهولة استخدامه وإمكانية تطبيقه على نطاق واسع، قد يساهم هذا القناع الذكي في تحسين جودة حياة ملايين المرضى حول العالم وتخفيف العبء الهائل على أنظمة الرعاية الصحية. هذا الاختراق العلمي يمثل قفزة نوعية نحو مستقبل يتم فيه تشخيص الأمراض ومراقبتها بطرق أكثر سهولة وفعالية وراحة للمرضى.